استيقظ البارحة أبناء سوريا والعالم على أصداء مجزرة مدوية تشد الشَّعر وتقشعر لها الأبدان …… ليست أول مجزرة في هذه الثورة ..ولكنها الأولى من حيث الطريقة … مجزرة بلا أي قطرة دم
مجزرة قام بها النظام السوري ضد أبناء منطقة الغوطة الدمشقية مستعملا الصواريخ المحملة بالمواد الكيماوية ضاربا بتهديدات المجتمع الدولي عرض الحائط
متبعا فيها سياسته المعتادة…سياسة الثور الأرعن الذي يفعل ما يحلو لها بكل همجية غير مكترث بالنتائج
فمنذ أيام قليلة كان قد وصل أعضاء فرقة التحقيق الدولية بخصوص المواد الكيماوية بعد فترة طويلة من مطالبة الامم المتحدة له بالسامح لهم بادخالهم للتحقيق في استخدام السلاح كيماوي في أرجاء سوريا من اي طرف كان
والبارحة…. قام النظام باستقبالهم بكرم المجازر كما يفعل عادة مع لجان التحقيق التي تصل الى سوريا ولكنها اليوم كانت كيماوية ضاربا بكل لجان التحقيق والمجتمع الدولي عرض الحائط ..كيف لا وهذا المجتمع منذ اكثر من عامين ونصف يرى دمائنا تجري في الشوارع وأرواحنا تُحصد بشكل يومي بمختلف أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا ولا ينبس ببنت شفة
أما قمة عهر النظام فهي تظهر في أن قنوات إعلامه تنفي نفيا قاطعا أن يكون هناك أيما مجزرة في ريف دمشق وأنه لا صحة لخبر استعمال النظام لأسلحة كيماوية …..وإن كان وحصلت المجزرة ..فالنظام بريء منها , في سياسة الكذب المعتادة التي يتمسك بها من اول يوم بالثورة السورية…. في تناقض واضح مع تصرفات بعض شبيحة هذا النظام ممن قاموا بالاحتفال في مناطق محسوبة على مؤيدي النظام وطائفته منتشرين في شوارعها يوزعون الحلوى ويهتفون لرئيسهم المجرم شكرا له على هذه المجزرة الكبرى في ريف دمشق في تصرف لا ينم إلا عن عقلية حيوانية بعيدة كل البعد عن طباع الإنسان ….عقلية الحذاء العسكري التي باتت من أصل عقلية الشبيحة
الأمر الذي يظهر حقيقة أن ثوار سوريا هم حقا وحيدون في هذا العالم أمام هذا التغاضي الكبير عن سياسة النظام الاجرامية المدعومة من قبل كل طغاة العالم وأقلياته التي تقاتل مع هذا النظام أو تدعمه عسكريا إلى جانب منظماته العربية والعالمية التي تقف على كل حركة لهذه المعارضة بالمرصاد وتغض الطرف عن كل مجازر هذا النظام التي لا يمكن لعاقل أن يتحملها متذرعين بألف حجة في سبيل التشكيك بصحة وصدقية ما ينقله النشطاء يوميا من أرض الثورة ,مكتفين بقلق دائم…. وتنديد … وشجب…وامتعاض لا يسمن ولا يغني من جوع
واليوم ….. في هذه المجزرة المروعة التي راح ضحيتها إلى وقت كتابة هذا المقال قرابة ال1466 شهيد بين الأطفال والنساء والرجال ومقاتلي الجيش الحر وآلاف الناس بين غائبي الوعي أو مجهولو الحال ممن يمكن أن يكونوا شهداء مستقبليين في ظل عوز المشافي الميدانية في ريف الشام لكم كاف من المواد الاسعافية اللازمة لكارثة كهذه المجزرة التي استعمل النظام فيها قوة الصواريخ المدمرة وغاز السارين القاتلة كطريقتين للموت أحلاهما مر
وقد تحدث أحد شهود العيان عبر أثير إذاعة العاصمة اون لاين بأن أحد أسباب زيادة عدد الضحايا هو عدم وجود وعي اجتماعي لطريقة تفادي الغازات السامة بالشكل الأمثل حيث أنه قال ” بعد أن سقطت الصواريخ قام الناس كالعادة بالنزول للملاجئ ولكن وفي هذه المرة بدأوا يحسون بأعراض غريبة بعد أن سقطت الصواريخ ولم يتوقعوا انها كانت محملة بغازات سامة -حيث ان هذه الغازات كانت عديمة اللون والرائحة – فلم يعرفوا ماذا يتصرفون فبقوا مكانهم والمفترض هو أن يذهبوا لأماكن عالية لأن هذه المواد السامة أثقل من الهواء فتنتشر بسرعة أكير في الملاجئ”
هنا يمكننا أن نعرف مدى خبث هذا النظام الذي عرف عادة الأهالي بعد قصفهم في حصار دام 11 شهرا فاستعمل هذا الغاز الكيماوي ((الأثقل من الهواء)) ليقينه التام بأن عدد ضحاياه أكبر…. وبالتالي يضمن طريقة أخرى لزعزعة وضع الغوطة من حيث الثوار والحاضنة الشعبية فتكون محاولات اقتحامها والسيطرة عليها أسهل
مع العلم أنه –وفي حصاره للغوطتين – كان يتبع سياسة تجويع وإذلال رهيبة لا شفقة فيها ولا رحمة لدرجة بات الحال الإنساني لسكانها صعب الوصف , ومع ذلك استمرو بالصمود ,الأمر الذي استجر النظام لتصرفات أرعن من ذي قبل متبعا سياسته المحببة …”الأرض المحروقة”
أطفال ,نساء, رجال,شيب وشباب .موت هنا…اختناق هناك…. نفس تزهق دون أن يدري بها أحد …وطفلة تنادي بأحد المسعفين من الشباب “عمو ساعدني من شان الله أنا لساتني عايشة” بكلام طفولي يدمي العين ويحرق القلب في محاولة منها لرد روحها التي تراها تصعد أمامها إلى السماء مع سيل من أواح رفاقهاوأحبابها وجيرانها في هجرة جديدة للأرواح في هذا البلد الذي بات عدد من هم تحت التراب يقارب من عليه
جرح جديد نامت عليه الثورة السورية….نامت وهي تحاول تضميده…. وهي تفكر بأي حال ستستيقظ غدا!! على أي جرح وفي أي مدينة
فأبناء الغوطتين الذي ماتوا دون أن تسقط منهم دماء….. رافقوا في رحلتهم إلى السماء إخوانهم ممن ماتوا في باقي أصقاع سوريا قتلا وذبحا وقصفا بعد ان انهمرت منهم الدماء الكثيرة ,في رحلة الحرية التي كانوا قد خططو للذهاب لها منذ عامين ونصف….ولم يصلوا إليها بعد
No comments:
Post a Comment